الأحد، مارس 22، 2009

بر الوالدين فى صور


















الاثنين، مارس 16، 2009

ما أحلى الحياة طاعة الله


وصية أمامة بنت الحارث إلى ابنتها ليلة الزفاف

قالت أمامة : يابنيةُ احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا وذكرا، الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينُه منك على قبيح، ( ولا يشم منك إلا طيبُ ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود،) والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه، فإن حرارة الجوع مُلهبة، وتنغيص النوم مَبغضة، والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء ( أي الإبقاء والرفق والحفظ ) على نفسه وحشمه وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء ألهبت الحقد الكائن في) صدره، تم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحا، (أي غاضبا وهو ضد الفرح) والاكتئاب عنه إن كان فرحا، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له موافقة، واعلمي على العيال والحشم (أي الخدم) حسن التدبير، ولا تفشي له سرا، ولا تعصي له أمرا، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت (أي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثرين رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببته وكرهته، والله يخير لك

الأحد، مارس 15، 2009

النقد الإيجابي








النقد الإيجابي عملة نادرة، فقد يستغرق الإنسان عمراً طويلاً وزمناً مديداً كي يجد شخصاً يقدم له نقداً إيجابياً بناءاً. وليس النقد الإيجابي هو الثناء والمديح والتزكية ولكنه بذل جهد لوصف العمل وذكر سلبياته وإيجابياته بوجه منضبط. فهو الذي يدفع المركبة إلى الأمام ويعطي الإنسان قدرة على الإنتاج والتطور.

النقد البناء يكون حول فكرة موضوعية يمكن قياسها. فالدخول إلى النيات والمقاصد ليس من النقد البناء. ولإيجاد نقاط تواصل لابد أن يكون النقد حول نقطة جوهرية واضحة ويكون البناء عليها تأصيلاً وتفريعاً.

الناقد الصادق يتجه نقده إلى صاحب العمل كيف يطوره ويرتقي به دون أن يدمره، فلا يكون هدفه إسقاط الآخرين أو إبراز ذاته من خلال نقده. واعلم أنه من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف الأخطاء وإبرازها، ولكن من الصعب بمكان إكمال البناء وإتمام النقص وسد الثغرات.

النقد البناء ما كان بعيداً عن الهوى والتعصب والأحكام المسبقة ، بل لابد أن يكون هناك تجرد وإنصاف ومحاولة بناء نقدك على أصول شرعية أو عقلية كي ينضبط الأمر لديك. كثير من الجدل يبرز ويظهر بسبب أن النقد كان سببه الجهل أو الهوى والتعصب فلكي يوكن نقدك مقبولاً ومحترماً لابد أن يكون مبني ومرتكز على أصول علمية صحيحة بعيدة عن الجهل والهوى.

إذا كان النقد يسبب فتنة أو يحدث منكراً أعظم من السكوت فالتزام الصمت وترك النقد هو الأولى؛ لأنه ليس من الحكمة أن تنتقد كل ما يحدث ويطرأ. والناس لو سكتوا عن أشياء كثيرة وتغاضوا عن قضايا سلبية لماتت في مهدها ولما حدث لها انتشار. ونحن نرى من أراد أن ينشر فكرة ما أن يطلب من الآخرين نقده.

الناقد الصادق لا يتعسف في عباراته ويغلظ في أقواله؛ بل ينتقي أعذب الألفاظ وأحسنها. فلكي يكون نقدك بناء لابد أن يكون هناك درجة من التواضع والاحترام للآخرين، واحتمال أن يكون الصواب مع الآخرين والخطأ معك. فأنت لا يمكن أن تملك الحقيقة المطلقة دائماً، فإن كان لديك الحق في بعض القضايا لا يعني ذلك امتلاكك للحقيقة المطلقة. والحق لن يقبل إذا كان مصحوباً بتعالي وازدراء للآخرين فالكل يظن أنه يملك الحقيقة .

عند نقدك للآخرين لا تظن أنهم قد يستجيبون لنقدك حتى وإن كان في صورة جميلة زاهية. فكثير من الحالات يمتنع الإنسان عن قبول الملحوظات التي يظهرها له الناس بسبب تصوره أن الأمر على خلاف ما يعتقده الناس أو أن هناك مبررات أخرى .. لذلك عليك فقط تقديم النقد البناء الهادف. والسلام

التربية بالمكافئة









لقد اهتم الإسلام بقضية المكافئة على العمل الصالح والعمل المثمر وفي ذلك يقول الله تعالى:" مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا" فهذه مكافئة على عمل واحد إيجابي يكافئ بعشر أمثاله، وهذا تعزيز ودعم معنوي، ودافع مستمر في عمل الصالحات ؛ بل إن الأمر يتجاوز المكافئة على العمل إلى المكافئة على النية الصالحة ففي حديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة. وإن هم بها، فعملها، كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وإن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة. وإن هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة [1]" وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الآخر المشهور:" إنما الأعمال بالنيات.." فالنتائج والمكافئات التي ينالها الإنسان عند إنجازه أمراً ما تحفزه على عمل أشياء أخرى إيجابية، فالتعزيز الإيجابي يقوي السلوك ويزيد من احتمالية تكرار السلوك الإيجابي مرة أخرى.

وهناك نوعان من التعزيز في التربية: التعزيز الإيجابي، والتعزيز السلبي:

التعزيز الإيجابي:
في التعزيز الإيجابي تشكل المكافئة حافز فعال إذ تُعطى مباشرة بعد السلوك المرغوب فيه كي يزيد من احتمالية حدوث ذلك السلوك مرة أخرى. فتعزيز السلوك الإيجابي يحفز الابن في مواصلة الأداء الإيجابي. مثال ذلك: قد يُعطى الطفل مكافئة من الوقت ليعمل على الحاسوب بعد إتمام جزء من واجباته المنزلية. فإذا كان الطفل يحب العمل على الحاسوب، فمن المحتمل أن يستمر في إتمام الجزء الباقي من الواجب لينال مكافئة أخرى. والتعزيز الإيجابي وسيلة جيدة لغرس الانضباط واستمراره ،فلا شك أن بعض من الانضباط الذاتي أمر ضروري للطفل خلال مرحلة تعلمه.

إلا إنه عند ممارسة التعزيز، فإننا نحتاج لنسأل: ما الشيء الذي أعززه في الطفل؟ فأحياناً من غير قصد قد نعزز سلوك خاطئ. مثال ذلك: عندما يرفض الطفل أن يعمل أو يسمع الأوامر، فقد تتجه وتعده بشيء إذا فعل ذلك الأمر لكي يستجيب لأمرك. فإن ما تحفزه الآن هو الاستمرار في الرفض والعناد واستجداء المكافئة. ففي المرة القادمة، سوف يعيد الكرة مرة أخرى رغبة في الحصول على مكافئة جديدة.

التعزيز السلبي:
وهو مناسب لإزالة سلوك سلبي أو خاطئ وذلك عن طريق حافز غير محبوب للطفل. مثال ذلك، تستخدم كثير من الأمهات لكي تفطم رضيعها وضع شيء مر أو فلفل حار على مصاصة الطفل، وعندما يتناول الطفل الرضاعة يجد أن طعمها مر، ومع التكرار ووجود الطعم المر فإنه يترك الرضاعة.

وكثير من الناس يخلط بين العقاب والتعزيز السلبي، فالتعزيز السلبي عكس العقاب تماماً. فالتحفيز السلبي يقوي السلوك الإيجابي بسبب اجتناب أو منع حالة سلبية كنتيجة لسلوك ما. أما العقاب فهو يضعف السلوك بسبب حالة سلبية أُدخلت أو جُربت كنتيجة لسلوك ما. مثال على التحفيز السلبي، أنت تتضايق كثيراً من زحمة المرور، فتخرج يوماً مبكراً ، فلا تجد تلك الزحمة التي تضايقك، ثم تخرج مرة أخرى مبكراً فتجد الطريق خالياً، فسلوكك لمغادرة البيت مبكراً تقوّى عن طريق نتيجة اجتناب زحمة السيارات.

والفرق بين المكافئة والعقاب، أن المكافئة هي أي شيء يزيد السلوك ، والعقاب هو أي شيء يقلل السلوك.

وبطريقة ملخصة: أي حدث يزيد استجابة يُسمى تحفيز، وأي حدث يقلل الاستجابة يُسمى عقاب، وأي حدث يُوجد يُسمى إيجابي ، وأي حدث يُزال يُسمى سلبي.

ملحوظات مهمة للتحفيز:
أولاً: تحفيز الخير: عند منح أبنائنا هدية تحفيزية للخير، فإننا نقرن مع ذلك أن هناك هدية أعظم وأبقى وأفضل عند الله لمن فعل الخير، إن الربط المستمر بين المكافئة والرغبة بما عند الله عامل قوي لدفعهم لعمل ما يرضاه الله. فلا يعطى على كل عمل ينجزه مكافئة، إذ يكون العمل دائماً من أجل الحصول على المكافئة؛، بل لا بد أن يعلم أن هناك أعمالاً يجب أن تعمل من أجل الله عز وجل فيتعلم الإخلاص وأن لا ينال أجره إلا من الله وحده.

وفي هذا الموقف ينبغي توسيع وتصحيح مفهوم العبودية لدى الأطفال فليست العبودية محصورة فقط في الصلاة أو الصيام، بل كل عمل خير يعمله يعتبر عباده إذا صلحت النية فالابتسامة والاحترام والتقدير ومعاونة المحتاج، كلها عبادة محبوبة لله. فليس هناك عدد محصور لعمل الخير فكل سرور تدخل في قلوب الآخرين هو عبادة.

ثانياً: الإطراء الرائع المعتدل: فمن أقوى وسائل التعزيز الثناء الصادق، والمديح المتزن، والكلام الجميل الممتلئ بالتقدير والشكر. فبالإضافة ليسر هذا الأمر إلا إنه ينقل التعزيز من التركيز على الأشياء المادية إلى العواطف الأبوية، فالطفل بحاجة لإظهار الشكر والمديح على إنجازاته وسلوكياته المقبولة الجيدة؛ فإن هذا الأسلوب يعزز شعور الحب بين الطفل ووالديه، فالتعزيز اللفظي من المحفزات القوية في تنمية السلوك وتقويمه.

ثالثاً: المكافئة المادية: كثير من الناس عندما يسمعون لفظة المكافئة، يتجه تفكيرهم إلى الأشياء المادية، وليس الأمر كذلك فيمكن تعزيز السلوك عن طريق كلمات الشكر والثناء مع لفت الانتباه إلى هذا السلوك الإيجابي، أو عن طريق هدية بسيطة، أو الخروج في رحلة، أو قراءة قصة مع إشعار أن ذلك نتيجة لهذا السلوك الإيجابي ، فلا يشترط في نوعية المكافئة أن يكون أمر مادي .

رابعاً : التوازن في المكافئة: فلا بد أن تكون الهدية متناسبة مع طبيعة العمل المنجز، فيجب أن يكون هناك اعتدال في نوعية المكافئة، فلا إفراط أو تفريط، فليس من المعقول مثلاً إذا عمل عملاً بسيطاً أن أكافئه مكافئة كبيرة وعظيمة، بل كل عمل بحسبه. فالإفراط في الهدية لا تعطي الطفل المقياس الموضوعي أو المصداقية الحقيقية التي من خلالها يقيس سلوكه؛ بل يولد لدى الطفل الغرور والتكبر وأنه قد وصل إلى القمة مع أن عمله قد يكون تحت المتوسط، وهذا التكبر قد ينمو مع نمو شخصيته مما يجعله يفقد المصداقية والاحترام في عيون الآخرين.

وقد علمنا الإسلام أن لا نبالغ ونتجاوز الحد في الثناء فقد جاء في الحديث عندما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً يبالغ في ثناء آخر فقال :"ويلك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك" مرارا. ثم قال: "من كان منكم مادحا أخاه لا محالة، فليقل : أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه .([2])" فالمكافئة إذا لم تكن متوافقة مع السلوك وغير مبالغ فيها وإلا سيكون لها تأير سلبي، فالمكافئة تكون أحياناً عقاباً للطفل. فهي قد تكون مسكن مؤقت للسلوك السلبي.

خامساً: التعزيز أمر نسبي: فالمكافئة التي تجذب طفلاً ما قد لا تروق لطفل آخر، ولذلك من المهم أن نقدم المكافئة التي يرغب فيها الطفل بذاته. وكذلك من المهم التنويع في نوعية المكافئة ، فالمكافئة المتكررة تفقد جاذبيتها وقيمتها المعنوية لدى الطفل، وانتقاء المكافئة وتغييرها يتطلب ممارسة وحنكة من المربي، وقد يكون هناك إخفاق في اختيار المكافئة إلا إنه يجب أن يكون هناك ملاحظة لتصرفات الطفل تجاه المكافئة ومحاولة كشف رغباته ومواهبه وتحقيقها في المكافئة.

سادساً: وقت التعزيز: فلكي تكون المكافئة فعّالة بحق، أعط المكافئة مباشرة عند حدوث السلوك المرغوب وذلك لترتبط المكافئة بالسلوك. ومن المهم كذلك أن يفهم الطفل السبب وراء حصوله على المكافئة. فمثلاً تقول له: بسبب طريقة تعاملك الرائع والممتاز مع أخوك حصلت على هذه المكافئة. فاستخدام المكافئة بطريقة صحيحة ومعتدلة يمكن أن تقود الطفل بعد توفيق الله عز وجل إلى الاتجاه الصحيح.وإذا لم يكن بالإمكان مكافئة الطفل مباشرة ، فيمكن استخدام المعزز المشروط، وذلك باستخدام الجدول ووضع العلامات أو النجمات. فعندما يحرز الطفل على قدر معين من العلامات أو النجوم لسلوكيات معينة، فإنه يحصل على المكافئة، فالعلامات هي المعزز المشروط.

ومن الخطأ أن تكون المكافئة دائماً عن طريق التعزيز المشروط؛ بل لا بد من استخدام التعزيز المتغير، أي المكافئة على أساس عشوائي أو غير متوقع. فعندما يصبح السلوك السليم عادة للطفل أو عندما يعمل الطفل سلوكاً جديداً إيجابياً فإنه يكافئ عليه. فمثلاً، إذا فاجأت طفلك بمكافئة بسبب ممارسته للقراءة فإن الطفل سيقرأ أكثر ، إذ يأمل أن تعيد له المفاجأة. فالتعزيز المتغير يساعد في استمرار السلوك القويم والمحافظة على السلوك الممارس.

والتعزيز المتغير قد يأتي بنتائج عكسية إذا استخدم في إزالة السلوك غير المرغوب فيه. مثال ذلك، إذا بكاء الطفل لأمر ما، ثم أعطيته حلوى أو لعبة لكي يسكت عن الصراخ؛ فإنك بذلك تشكل لديه عادة وهو: البكاء طريق للحصول على مكافئة. والأفضل لإزالة السلوك السيئ أن يعالج بالتجاهل أو بأي طريقة تربوية أخرى. فمن الخطأ استخدام المكافئة لجعل الطفل ينصاع للأوامر، وإنما يجب أن تستخدم المكافئة لتتحكم في السلوك وتوجه.

---------------------------------
[1] رواه مسلم رقم (131)
[2] متفق عليه.


تخلص من إخفاقات الماضي









قد يتخذ المرء في الماضي قرارات واختيارات خاطئة ويبقى أثرها ملازم له ترافقه في دربه. وقد لا يشعر بخطأ هذه القرارات والاختيارات إلا بعد مضي فترة من الزمن. فما موقفنا من هذه الاختيارات الخاطئة، هل نظل نندب حظنا العاثر ونعيش في حالة ندم وهم وشتم للظروف التي أحاطت بنا أم إننا نتجاوز ذلك ولا نبالي؟

وأيّاً ما كان الأمر، فطبيعي جداً إن الإنسان يتخذ قرارات خاطئة وخصوصاً في بداية حياته، وأسباب ذلك كثيرة فصغر السن وقلة التجربة والعلم والبيئة التي عاش فيها والصحبة التي رافقها كلها تؤثر سلباً أو إيجاباً في اتخاذ القرار. ولهذا يتأخر اكتشاف معرفتنا لهذا القرار هل كان القرار يتناسب مع طموحاتنا وآمالنا أم لا. وليس من الطبيعي أن يعيش المرء في حالة إحباط وضيق بسبب هذه الاختيارات الماضية، فالله قدر لك أن تختار هذا الأمر وأن تسلك هذا الطريق وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان" فاللوم لا ينفع في أمر قد مضى وانقضى.
ومهما يكن من شيء، فالمرء قد يجعل من إخفاقات الماضي وأخطائه نقطة انطلاقة لتحقيق النجاح، فالنجاح لا يعرف عمراً معيناً، والإنسان لا يتوقف عند مرحلة عمرية معينة؛ بل هو في حالة عطاء وعمل وكفاح مادام يملك أدوات العمل والعطاء، والمرء قد يحقق نجاحات في بداية حياته ثم تقف هذه النجاحات عند نقطة والعكس فقد يخفق المرء في بداية حياته ثم ما يلبث إلا وينهض وينجز نجاحات متتالية.

ولتجاوز حالات إحباط الماضي وقلقه يمكن للمرء أن ينظر لذلك وفق التالي:
أولاً: ابتعد عن العاطفة وكن موضوعياً:
نعلم أن الخطأ طبيعة بشرية لا يمكن التخلص منه مطلقاً؛ فالنقص من الصفات اللازمة لنا والكمال المطلق من صفات الله عز وجل، وفق هذه النظرة يجب أن تكون نظرتنا للخطأ والفشل بإنها دروس نكتسب منها تجارب وخبرات تقربنا إلى أهدافنا.
ومعظم الناس لا ينظرون إلى الخطأ بطريقة مجردة أو بمعنى آخر بطريقة تحليلية، فلو أخطاء شخص في جزئية معينة، فإنه يعمم الخطأ والإخفاق على بقية الأجزاء. والأشد من ذلك أن يتجه الخطأ إلى الشخصية، فيأخذ الإخفاق على أنه نقص في الشخصية، ولهذا مهم جداً أن تنظر إلى الخطأ بصورة موضوعية (كسبب ونتيجة) فإذا أخطاءنا في مسألة لا يعني نقص في شخصيتنا أو أن حظنا عاثر؛ بل إننا لم نسلك الطريق الصحيح، ولم نتبع السبب المناسب كما قال الله تعالى :"فاتبع سببا" فالأمور لا تؤخذ غلابا وإنما تؤخذ بإتباع الطرق الصحيحة.
وأحياناً يستحوذ علينا التفكير العاطفي ونبتعد عن الموضوعية في تعاملنا مع ماضينا؛ فنعيش في حالة كئيبة وندم مقلق. فالتفكير العاطفي ينسينا أن هذا أمر مقدر علينا، والتفكير العاطفي يمنعنا أن نتخذ خطوات إيجابية ندفع القدر بقدر فننظر إلى سبب ذلك ونتجه إلى عمل آخر يقودنا إلى تحقيق نجاح جديد، والتفكير العاطفي يقودنا إلى الضجر والصخب ونفقد حالة التوازن الفكري والنفسي وننسحب عن الواقع ونعيش في خيالات وأوهام. لنكن أكثر واقعية ونعيش مع واقعنا ولا نجعل ماضينا حاضرنا فنخسر الحاضر كما خسرنا بعض ماضينا.

ثانياً: انظر إلى الجانب المضيء:
علينا التخلص من النظرة الجزئية كي نتصور الأشياء كما هي أو قريب من ذلك. فكل إخفاق أو فشل يحمل في طياته جانب مضيء، ولكن علينا أن ننظر ما تحت السطح لنرى ذلك الجانب، لنبتعد عن تحطيم ذواتنا ولومها وتوبيخها ولنبحث عن الجوانب الإيجابية في عملنا السابق، لا شك أننا حققنا إيجابيات كثيرة ولكننا لا ندرك هذه الإيجابيات أو إننا حصرنا الإيجابيات في قضايا معينة، ولهذا لابد أن ندرك أن كل عمل صالح هو عمل مضيء. وكل محاولة للنجاح والتقدم هو عمل مضيء، فلا نجعل الإشراقات والإضاءات عند نقطة معينة .
النظر إلى الجانب الإيجابي يمنحك نوعاً من التفاؤل وتندفع النفس إلى مزيد من العمل والعطاء وتكون قادراً على إيجاد نظرة متوازنة تستطيع أن تقيم فيها أعمالك. انظر مثلاً لحاطب بن بلتعة عندما كتب بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من أهل مكة، يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسيره لجهادهم، ليتخذ بذلك يداً عندهم، تحمي أهله، وماله بمكة، فنزل الوحي بخبره، وعمل حاطب رضي الله عنه خطير حتى وصفه عمر رضي الله عنه بالنفاق فقال لرسول الله:" دعني أضرب عنق هذا المنافق " ولكن رسول الله نظر إلى الجانب المضيء في حياة الصحابي الكريم فهو قد هاجر إلى الله ورسوله، وجاهد في سبيله، فسأله رسول الله :"ما هذا؟" فقال : يا رسول الله، إني لم أكفر بعد إيماني، ولم أفعل هذا رغبة عن الإسلام، وإنما أردت أن تكون لي عند القوم يد، أحمي بها أهلي، ومالي، فقال صلى الله عليه وسلم : " صدقكم، خلوا سبيله " وقال لعمر: "وما يدريك، أن الله اطلع على أهل بدر، فقال : اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم " وأنزل الله في ذلك، صدر سورة الممتحنة. فهناك في أعمالنا مهما بلغت من السوء جوانب فيها إشراق تمدنا بأمل وتخفف عنا وطئة الإخفاق فلا ننس هذه الجوانب المشرقة في ماضينا وهي لا شك كثيرة ولكنها تحتاج منا قليل من التأمل.

ثالثاً: عش لحظاتك الآنية:
الماضي ذهب وما فيه من آلام وأحزان فهل نذهب بقية عمرنا حزناً وحسرة حاملين مشاعر سلبية أم إننا نستبدل الحزن بفرح والهم بسعادة ؟ إننا لكي ننجز ونستأنف حياة سعيدة نستطيع نحقق فيها طموحاتنا فعلينا أن نتخلص من سلبيات الماضي ونقذف آثاره السيئة خارج حياتنا، فالعمر قصير ومن المؤسف ـ حقاً ـ أن نجعله ينحصر في مآسي الماضي وإخفاقاته. لنعش لحظاتنا ـ وكأننا ولدنا الساعة ـ كلها تفاؤل وأمل بأن نبني مستقبلاً مشرقاً مليء بالنجاحات والإنجازات، فالنجاح لا يمكن أن نحصره في شكل معين بل هو متعدد الوجوه والأشكال فكل خير تفعله في حياتك هو إنجاز رائع يستحق أن تفتخر وتشيد به.
لا تجعل الماضي يأسرك، ولا المستقبل يقلقلك ويخوفك واستمتع بلحظات حياتك التي تعيشها الآن فأنت ابن اللحظة، وصدق الشاعر في قوله:

ما مضى فات والمؤمل غيبُ *** ولك الساعة التي أنت فيها

وقول الآخر:

تمتع بالصبح ما دمت فيه *** ولا تخف أن يزول حتى يزول

لا تدع اليأس ينفذ إلى قلبك فنحن أحيانا نصنع معاناتنا بأيدينا وندمر أنفسنا بجهالتنا وضعف إيماننا. ولنطوي صفحة الماضي فالعيش فيه ـ كثيراً ـ لا يجدي شيئا، فما كان فيه من آثام نستغفر الله منها وما كان فيه من خير فنرجو أن يتقبل الله ذلك الخير ولنعش لحظتنا فإننا لا ندري قد لا ندرك الساعة التي بعدها. والله المستعان.

الاثنين، مارس 02، 2009

قلوب رائعة


أحب الصحابة النبى أشد الحب حتى غطى هذا الحب على حبهم لأنفسهم فهذاسيدنا أبو بكر يأتى والده أبو قحافة ليبايع النبى صلى الله عليه وسلم فإذا به يبكى فيسأله النبى ما يبكيك فيقول وددت أن الذى يبايعك الأن عمك أبو طالب فهذا كان أقر لعينك .وعندما أسر الصحابة العباس عم النبى كلم سيدنا عمر الصحابة فقال لو تركتموه فإن ذلك أرضى لرسول الله فقالوا إذن نرضى رسول الله فقال له عمر أسلم يا عباس فإن إسلامك أحب إلى من إسلام الخطاب لأن ذلك أحب لرسول الله . وأثناء توزيع عمر لأسهم إحدى المعارك جعل لأسامة بن زيد سهما أكبر من سهم إبنه عبد الله بن عمر فكلمه عبد الله فقال يا بنى إن أسامة الحب بن الحب " بكسر الحاء " وكان أحب إلى رسول الله منك وكان أبوه أحب إلى رسول الله من أبيك ونحن نحب ما يحبه رسول الله .وهذا غلام أحب النبى حبا شديدا حتى مرض فعاده النبى فقال لأهله إن مات فأخبرونى حتى أصلى عليه وأدعو له فعندما أفاق الغلام قال ماذا قال رسول الله فقالوا له ما قال فقال لا تخبروا رسول الله فإنى أخشى عليه اليهود وهوام الأرض .قصة وعبرة لى ولإخوانى نستنتج منها لماذا هذا الحب للنبى :

يقول خوات بن جبير ـ رضي الله عنه ـ كما روى ذلك عنه الحافظ بن حجر في ( الإصابة ) : كنتُ رجلاً شاعراً في الجاهلية ، وكنت أتغزل في شعري بالنساء ، وأسامرهم به ثم منَّ الله سبحانه وتعالى علي بالإسلام ، وكنت في المدينة مع رسول الله ، فخرجنا معه في سفر من أسفاره ـ وأنا حديث عهد بالإسلام ـ فلما دنا الليل فذهبت لبعض حاجتي بعيداً عن المعسكر ، فرأيت عدداً من النساء جالسات يتسامرن على ضوء القمر ، فعاد إلى نفسي ما كنت أصنعه قبل إسلامي فعرضت عليهن أن أسمعهن شعراً وأسامرهن فرحبن بذلك ـ ولم يكنَّ من نساء المعسكر ـ وإنما هن من أهل ذلك المكان الذي وقفوا للمبيت فيه، قال : فبينما أنا كذلك ، رأيت على ضوء القمر خيالاً قادماً من تلك الجهة ، فإذا به رسول الله ـ وكان من عادته إذا أراد الخلاء أن يبتعد ، فلما رأيته اضطربت ونهضت من مكاني فرآني ، فناداني وسألني عن سبب وجودي في ذلك المكان ، فقلت له : بعير لي شرد فأنا أسأل ـ هؤلاء النسوة عنه ، فابتسم لي صلى الله عليه وسلم ، وانصرفنا إلى المعسكر وبي من الهم والحياء ما لا قبل لي بوصفه ، قال خوات : فوالله ما رآني رسول الله في سفرنا ذلك حتى رجعنا إلى المدينة إلا وسألني مبتسماً : أبا عبد الله ما فعل شراد بعيرك ؟ حتى صرت أتحاشى أن أقابل رسول الله عليه الصلاة والسلام هرباً من سؤاله ، وكنت أترقب خروجه من المسجد لأدخل إليه ، فجئت يوماً إلى المسجد وليس فيه رسول الله فكبرت للصلاة فما بدأت قراءة الفاتحة حتى دخل الرسول من إحدى حجره إلى المسجد فقلت في نفسي لأطيلن صلاتي حتى يخرج خشية سؤاله ، فصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين خفيفتين وجلس فلما رآني أطلت الصلاة قال : أبا عبد الله أطل ما شئت فإني جالس ـ أو كما قال عليه السلام ـ قال : فأكملت صلاتي وأقبلت عليه بوجهي فقال له : مبتسماً : أبا عبد الله ، ما فعل شراد بعيرك ؟ فقلت له : فوالذي بعثك بالحق ما شرد بعيري منذ أن آمنت بما جئت يه يا رسول الله ، قال : فابتسم ودعا لي بخير