الاثنين، فبراير 16، 2009

الشهيد نزار ريان


الشهيد نزار ريان : البروفيسور المجاهد



2009-01-06 16:01:26
نزار ريان .. البروفيسور المقاتل
لم يغادر القيادي في حماس نزار ريان منزله ، مقبلا على الشهادة التي طالما تمناها ، دون ان ينصت للتحذيرات التي طالبته بمغادرة المنزل ، فكان الموعد الذي لم يخطئه مع اطنان المتفجرات التي القيت فوق بيته.
ويتمتع ريان ، وهو بروفيسور جامعي بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني ، واشتهر بالتصاقه الشديد بالحياة اليومية للمواطنين ، وبجرأته في تحدي قوات الاحتلال حتى في اشد الاجتياحات العسكرية الاسرائيلية لشمالي القطاع ، كما انه تمسك بمنزله في مخيم جباليا المكتظ ، ليعيش حياة متواضعة ومتقشفة ، حتى في ملبسه ، رغم مكانته العلمية والاكاديمية البارزة.
اشتهر الدكتور ريان بمواقفة الجريئة خاصة عبر تمركزه مع المقاومين الفلسطينيين في الصفوف الاولى للتصدي للاجتياحات الاسرائيلية لمخيم جباليا في سنوات "انتفاضة الاقصى".
كما قاد البروفيسور ريان مبادرة فلسطينية جريئة لتحدي سياسة هدم منازل المواطنين الفلسطينيين عبر الانذارات الهاتفية المسبقة ، فقد قاد القيادي الشهيد مبادرة تشكيل دروع بشرية شعبية لحماية منازل المواطنين الفلسطينيين الى اسطح البنايات ، مرددين التكبيرات ، لحماية المباني السكنية من القصف ، لينتهي ذلك الاسلوب الذي حاول الجانب الاسرائيلي فرضه.
والبروفيسور ريان هو احد علماء فلسطين البارزين وينادى كذلك باسمه "نزار ريان العسقلاني" وهو لاجىء فلسطيني يتحدر من بلدة نعليا القريبة من عسقلان ، والشهيد استاذ الحديث الشريف بقسم الحديث في كلية اصول الدين بالجامعة الاسلامية في غزة التي قصفها الطيران الحربي الاسرائيلي خلال عدوانها الحالي والمتواصل على قطاع غزة.
وتلقى الدكتور ريان تعليمه الاكاديمي في السعودية والاردن والسودان. فقد حصل على شهادة البكالوريوس في اصول الدين من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض في العام 1982 وتلقى العلم الشرعي على علماء الحجاز ونجد. ثم حصل الشهيد على شهادة الماجستير من كلية الشريعة بالجامعة الاردنية في العام 1990 بتقدير ممتاز ، ومن بعد نال درجة الدكتوراه من جامعة القران الكريم بالسودان عام ,1994
والدكتور ريان متزوج من اربع سيدات ، وله ستة اولاد ذكور ، وست بنات ، وحفيدان ، وكان ينذر ابناءه واحفاده للدفاع عن فلسطين والقدس الشريف واستكمال مسيرة التحرير.
وقد سبق ان عمل الدكتور ريان اماما وخطيبا متطوعا لمسجد الخلفاء بمعسكر جباليا خلال الاعوام من 1985 وحتى 1996 وهو من القياديين البارزين في حركة حماس ، واعتقلته سلطات الاحتلال عدة مرات ومكث في سجونها اكثر من اربع سنوات ، كما اعتقلته اجهزة الامن التابعة للسلطة الفلسطينية عدة مرات.
ويعد الشهيد ريان احد رجالات الاصلاح الاجتماعي في قطاع غزة من خلال ترؤسه "لجنة اصلاح ذات البين ولم الشمل".
انه نزار ريان.. في الصباح استاذ في الحديث ، وفي اوقات الصلاة هو امام مسجد وخطيب مفوه ، وفي المساء تجده بلباسه العسكري حاملا سلاحه متجولا بين المرابطين على حدود القطاع الحر.. انه نزار ريان.. الذي ابى ان يخلي منزله رغم تأكده من قصفه .
الشهيد نزار ريان.. العمامة والبندقية
تلك نهاية كان ينتظرها نزار ريان منذ سنوات بعيدة ، منذ أن قاد المسيرة الأولى في الانتفاضة يوم الثامن من ديسمبرعام 1987 ، والتي كانت الشرارة التي قادت إلى دمج الإسلاميين في ميدان المقاومة المباشرة تحت مسمى حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وإن سبقتها سرايا الجهاد ، وبعدها حركة الجهاد ، مع العلم أن محاولات أخرى سبقتها أفضت إلى اعتقال الشيخ أحمد ياسين قبل ذلك بسنوات. أما الذي لا يقل أهمية فهو أن مقاومة غير مباشرة كان يقودها الشيخ لتحصين المجتمع وبث روح الإسلام فيه كي يكون أكثر جاهزية لخوض غمار الجهاد.
طوال الوقت كان نزار ريان يطارد الشهادة ، ولم يتوقف إلى أن نالها ، بعد أن قدم نجله البكر شهيداً في إحدى العمليات الاستشهادية على مستوطنة إسرائيلية قبل سنوات. وها هو ينالها ومعه 13 فرداً من عائلته.
سيقول البعض إنه ما كان عليه أن يكون في البيت في مثل هذه الأوضاع ، ولكننا لا ندري بماذا كان يفكر ، هل هو المثال الذي أراد تقديمه للناس في الحي والمخيم الذي عرفه وطالما سار خلفه في المسيرات ، أو للشباب الذين رباهم على التضحية والفداء ، أم تسلل لترتيب أمر ما ، أم لم يتوقع أن يقتلوا كل العائلة من أجل التخلص منه ، كما فعلوا مع الشهيد صلاح شحادة من قبله؟
لنزار ريان شخصيته الفريدة ، فهو جريء وشجاع ، ربما إلى حد التهور. لم يكن مسيّساً إلى حد كبير ، وكانت له على الدوام تصريحاته الإشكالية ، لكن الثورات دائماً ما تكون في حاجة إلى "المجانين" أو "المتهورين" الذين لا يلتفتون خلفهم وهم يقارعون العدو.
والحال أن ريان لم يكن يزايد على أحد ، بقدر ما كان يضع نفسه ضمن المسار العام لحركته وشعبه ، وفي أغلب الأحيان لا يراه أحد ، إذ يكون بين المقاتلين والمرابطين في الجبهات ، وإن اضطرته الظروف لمواجهة الإعلام ، فسيذهب غالباً إلى أبعد ما تكون الثورية والرسالية.
كان محرضاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، يخلع عمامة الشيخ وأستاذ العلوم الشرعية (يحمل درجة الدكتوراة) ، ويلبس الكاكي ويمضي الليالي بين المجاهدين في الثغور ، يحرضهم بمواعظه ، ويسري عنهم بشخصيته المرحة المحببة.
عندما بدأ العدو يستهدف بيوت الاستشهاديين من خلال الجو بعد إعلام أهلها بضررورة إخلائها ، قام الشهيد ريان بخطوة بالغة الجرأة ، فما ان يبلغ الإسرائيليون أهل بيت بضرورة إخلائه حتى يجمع المئات من الناس فوق البيت ، فيضطر الجيش الإسرائيلي إلى إلغاء أمر التدمير ، ومرة إثر أخرى تمكن من إفشال تلك السياسة الهمجية القائمة على معاقبة عائلة المجاهد ، حتى يتردد الناس في دفع أبنائهم نحو ساحة الجهاد.
هكذا ينال نزار ريان الجائزة التي أحب ، ويلتحق بتلك الثلة من خيرة الرجال الذين سبقوه على درب الشهادة (أحمد ياسين ، عبد العزيز الرنتيسي ، جمال منصور ، جمال سليم ، صلاح شحادة ، إبراهيم المقادمة وسواهم) ، وإذا قيل إن ريان كان عسكرياً ، وهو لم يكن كذلك بالمعنى الحرفي للكلمة ، فإن زملاءه على قائمة قادة المقاتلين طويلة طويلة يحفظ الناس والتاريخ ثلة من أبرز رموزها الذين أثخنوا في العدو (عماد عقل ، يحيى عياش ، محيي الدين الشريف ، عماد وعادل عوض الله ، محمود أبو هنود ، يوسف السركجي والقائمة تطول).
إن حركة تقدم كل هذا العطاء ، ولا تزال جاهزة لتقديم المزيد لن يهمشها رجال الأعمال وتجار السياسة الذين لا يعرفون الثوابت ولا لغة التضحية سوى بأبناء الآخرين ، أما هؤلاء الذين يعيشون حياة الزهد بين شعبهم ويقدمون أرواح أبنائهم وأرواحهم فهم حاضرون في ضمير شعبهم وأمتهم ، وهم سيتعبون عدوهم ويواصلون مطاردته حتى يتحقق النصر بإذن الله.
هكذا يرحل نزار ريان إلى ربه ، ومعه عائلته ، تماماً كما رحل من قبله المئات من إخوانه وأبناء شعبه خلال الأيام الماضية ، وليلتحم الدم بالدم ، وتتوالى التضحيات ، من دون أن يتمكن العدو من فرض الاستسلام على هذا الشعب العظيم.
سلام على نزار ريان ، وعلى كل الشهداء الذين سبقوه ، ومن سيلحقون به على درب الشهادة إلى يوم الدين

ليست هناك تعليقات: